قتيبه مطاوع
Jan 23

تجربة المستخدم في مواقع B2C دراسة حالة أمازون و Sears

في عالم التجارة الإلكترونية، تُعتبر تجربة المستخدم (User Experience - UX) عاملًا حاسمًا في نجاح أي موقع إلكتروني، خاصة في نموذج B2C (Business-to-Consumer) الذي يركز على التعامل المباشر مع المستهلك النهائي. سنستعرض في هذا المقال أهمية تجربة المستخدم في مواقع B2C، مع دراسة حالتين مختلفتين: أمازون كمثال للنجاح، و Sears كمثال للتعثر.

مفهوم B2C وأهميته:

يشير مصطلح B2C (Business-to-Consumer) إلى نموذج تجاري يركز بشكل أساسي على بيع المنتجات أو الخدمات مباشرةً إلى المستهلكين الأفراد، مُشكلاً أحد أبرز أشكال التجارة الإلكترونية في العالم. في هذا النموذج، تُعتبر الشركة أو المُنتِج هي الطرف البائع، بينما المُستهلك الفرد هو الطرف الذي يشتري المنتجات أو الخدمات. يُعدّ هذا النموذج من أكثر الأنماط انتشارًا في العصر الحالي، خصوصاً مع انتشار التجارة الإلكترونية بشكلٍ واسع، مُسهّلاً الوصول إلى مُستهلكين كُثر في أوقاتٍ قصيرة، ويُعتبر أحد الوسائل الأكثر فاعلية في التسويق. تُعتبر تجربة المُستخدم (User Experience - UX) في نموذج B2C

أمرًا حيويًا لنجاح العمل التجاري، بل هي الركيزة الأساسية له، فإنّ رضا العميل و جاذبيته نحو الموقع أو التطبيق يعتمدان بشكلٍ أساسي على سهولة استخدامه، وكفاءته، وواجهته البسيطة، وتصميمه البديهي، و سرعة استجابة الخادم، مع توفير جميع الوسائل التي تُساعد المستخدم على إتمام المُعاملات بكل سهولة وسلاسة في أقصر الفترات الزمنية الممكنة. فكلما كانت تجربة المُستخدم إيجابية، كلما زادت فرص تحويل المُتصفحين إلى عملاء، و زادت معدلات المبيعات والأرباح، كما زادت ثقة المُستهلك في المنتج والعلامة التجارية، وبالتالي زادت رغبة المُستهلك بالتعامل مع هذه الشركة مُجددًا، و يُعتبر ذلك أفضل نوع من الدعاية والترويج. يتطلب تحقيق تجربة مستخدم ممتازة في نموذج B2C فهمًا عميقًا لسلوك المُستهلك، واحتياجاته، وتوقعاته، و تسخير تقنيات متقدمة في تصميم الواجهة و برمجة التطبيق لتقديم أفضل تجربة مُمكنة، مع الاستفادة من الاستعانة بخبراء في تحليل بيانات المُستخدم ليتم تحسين التطبيق مع الوقت


أمازون: نموذج الموقع الإلكتروني الناجح:

يُعتبر موقع أمازون مثالاً بارزاً ورائداً على نجاح نموذج B2C، ليكون أحد أبرز الشركات التي طبّقت هذا النموذج بفعالية و نجاح، مُحققةً انتشاراً واسعاً على الصعيد العالمي. يتميز موقع أمازون بواجهة مستخدم بسيطة وسهلة الاستخدام بشكلٍ كبير، حتى لمن لا يملك خبرة كبيرة في التعامل مع مواقع التسوق الألكتروني، مع خاصية بحث فعّالة ومتطورة تُمكّن المستخدم من إيجاد المنتجات التي يبحث عنها بسرعة و دقة، مُقدّمةً خيارات بحث مُتعددة، وحتى اقتراحات مرتبطة بالبحث. كما يتميز بِتصنيف منظم للمنتجات، مُقسماً إلى فئاتٍ وفئاتٍ فرعية، مما يُساعد المُستخدم على تصفّح الموقع بسهولة وإيجاد ما يُريده بسرعة من بين ملايين المنتجات المُتاحة، ليُعدّ من أفضل الشركات التي تُرتّب بضائعها بشكل مُنسق. بالإضافة إلى ذلك، يوفر أمازون تجربة شراء سلسة وآمنة بشكلٍ كبير

ومُوثوق، مع خيارات دفع متعددة وآمنة لتُرضي جميع المُستخدمين من جميع الخلفات مع إمكانية الاستغناء عن بطاقات الائتمان مع الاستعانة بوسطاء آمنين لا يتعاملون بمعلومات بطاقات الائتمان، مع إجراءات أمان متطورة تحمي معلومات العملاء من السرقة والتزييف والاختراق، مُعززة ثقتهم. و يُضيف إلى ذلك خدمة الشحن السريع والفعّال، مُزوّداً العديد من الخيارات التي تُناسب مُختلف المُستخدمين، بحيث يصل المنتج إلى المُشتري في أقصر مدة ممكنة، مُتجاوزاً جميع العوائق والمُشكلات. كلّ هذه الخصائص التي يُقدّمها أمازون تُمثّل عاملًا هامًا في نجاحه كمنصة B2C، مع استخدامها كمثال مثالي لِجميع الشركات التي ترغب في تبنّي هذا النموذج الرائع، وتحقيق النجاح.


Sears: نموذج الموقع الإلكتروني المتعثر:

على عكس النجاح الباهر الذي حققه موقع أمازون، يُعتبر موقع Sears مثالاً حياً على فشل نموذج B2C عند عدم الاهتمام بالمُكوّنات الأساسية له، خصوصاً تجربة المستخدم. فقد عانى موقع Sears من مشاكل جسيمة أدت إلى تراجعه وانحداره، ليُصبح نموذجاً يُدرس كفشلٍ بسبب عدم الاستثمار في أدق تفاصيله. يعاني الموقع من واجهة مستخدم معقدة ومُربكة، ليفتقر إلى السهولة والبساطة وحتى الجمال، مما يُصعب على المُستخدم التنقل فيه وإيجاد ما يُريده، مُسببًا الإحباط والنفور عند العملاء، وهو ما يُسبّب في هجر المُستخدمين للمنصة بسرعة. كما أنّ تصميم الموقع غير جذّاب إطلاقًا، مُفقِدًا إياه قدرته على جذب العملاء إليه. وتُضاف إلى ذلك مشكلة عملية البحث و الشراء غير الفَعّالة، والتي تفتقر إلى

السهولة والوضوح والسلاسة مُسببة صعوبة للمُستخدم في إيجاد المنتجات، ومُقارنة الأسعار و إتمام المُعاملات بسرعة. يُظهر فشل Sears مدى أهمية التركيز على تجربة المستخدم في موقع B2C، وأنّ واجهة المستخدم البسيطة و التصميم الجذاب وعملية الشراء السهلة ليست مجرّد تفاصيل هامشية، بل هي مُكوّناتٌ أساسية لنجاح أيّ موقع إلكتروني يُطمح إلى النجاح والانتشار، مُظهِراً فشلاً مدوياً لدى عدم الاهتمام بالمُستخدم، و يُعدّ مثالاً يُدرس في جامعات الإدارة والتجارة كحالة فشل تُفصّل تفاصيله.


عوامل نجاح تجربة المستخدم في مواقع B2C:

يعتمد نجاح تجربة المستخدم (UX) في مواقع التجارة الإلكترونية من نوع B2C (Business-to-Consumer) على عدة عوامل مُتكاملة ومترابطة، تُؤثر بشكل مباشر على رضا المُستخدم و استعداده لإتمام المعاملات والشراء، وبالتالي على نجاح الموقع بشكلٍ عام. من أبرز هذه العوامل: سهولة التنقل داخل الموقع بطريقة سلسة وبسيطة، حيث يجب أن يكون تصميم الموقع بديهيًا وواضحًا، يُمكّن المُستخدم من إيجاد ما يبحث عنه بسهولة وبسرعة دون أيّ جهود أو وقتٍ إضافيّ، مما يزيد من رضاه وتجربته مع المنتج. يُعدّ تصميم واجهة المستخدم (UI) عاملًا أساسيًا، فهو يجب أن يكون جذابًا وبسيطًا وغير مُعقّد، مُستخدمًا الرسوميات والأشكال المناسبة لمُساعدة المُستخدم في الفهم وتسهيل عملية التجوال داخل الموقع، ليكون المظهر جميلاً ومُناسِباً، مع حجمٍ مُناسب لجميع الشاشات. سرعة تحميل صفحات الموقع عامل حاسم، فإنّ بطء السرعة يُثير إحباط المُستخدمين ويُؤدي إلى زيادة معدّل الخروج من الموقع، مُستخدمًا بُنى تحتية قوية لتحميل الصفحات بشكل سريع بجودة عالية. يُعتبر توفير مُحتوى قيّمٍ ومُفيدٍ عن المنتجات والخدمات المُقدمة، مع معلوماتٍ كافية

ودقيقة، من أهم العوامل التي تُساهم في زيادة الثقة وتشجيع المُستخدمين على إتمام عمليات الشراء، بصُورة مثالية، ومُتجددة مع التحديثات. يُساهم تقديم دعمٍ فنيٍّ فعّال وسريع للمُستخدمين، وذلك عن طريق خطوطٍ ساخنة أو دردشةٍ عبر الإنترنت، في حلّ المُشكلات و الإجابة على استفساراتهم، مُعززًا من ثقتهم بالعلامة التجارية لِضمان تجربة مُمتازة. وأخيراً، يُعتبر توفير خيارات دفعٍ متعددة وآمنة، مثل البطاقات الائتمانية وخدمات الدفع الإلكترونية وغيرها، من العوامل الجذابة لِلمُستخدمين ولزيادة ثقتهم بالأنظمة وتحقيق أقصى درجات الأمان، وللحماية من أي احتيال. كلّ هذه العوامل مُتكاملة وتُؤثّر إيجاباً في تعزيز تجربة المُستخدم و تحقيق نجاح مواقع التجارة الإلكترونية من نوع B2C.


أهمية تجربة المستخدم في B2C:

تُعتبر تجربة المستخدم (UX) العامل الرئيسي والمحوري الذي يُحدد نجاح أي موقع تجارة إلكترونية من نوع B2C، فهي حجر الأساس الذي يُبنى عليه رضا العملاء واستدامة العلاقة معهم. فالمواقع التي تُوفّر تجربة مُستخدم مُمتازة، سلسة، وخالية من المُشكلات، لا تجذب المزيد من العملاء فحسب، بل تُزيد أيضًا من مُعدلات التحويل والأرباح، مُحققة هدفها الأساسي وهو الربح من خلال توفير خدمة مُمتازة. إنّ تجربة المستخدم الإيجابية تُشجّع العملاء على استكشاف الموقع بكل سهولة، وتُسهّل عليهم إيجاد المنتجات التي يُريدونها، وإتمام عمليات الشراء بسلاسة وأمان، مما يُؤدي إلى زيادة مبيعات الموقع وتحقيق أرباح أعلى. بالإضافة إلى ذلك، تُعزّز تجربة المستخدم المُمتازة ولاء العملاء وتُشجعهم على العودة إلى الموقع مرة أخرى، وبالتالي تُحوّلهم إلى عملاء

دائمين، داعمين للموقع. فعندما يشعر العميل بالراحة والرضا أثناء استخدامه للموقع، فإنه سيُفضّل العودة إليه في المستقبل لِشراء المزيد من المنتجات والخدمات، بدلًا من البحث عن مواقع أخرى، مما يُؤدي إلى بناء قاعدة عملاء قوية ودائمة تُساهم في نجاح الموقع على المدى الطويل، وتُعزّز من مكانته التنافسية في سوق التجارة الإلكترونية بشكل مُستمر.

في ختام هذا المقال ، يتضح جلياً أن الاستثمار في تجربة المستخدم (UX) يُعدّ أمرًا حيويًا وأساسيًا لنجاح مواقع التجارة الإلكترونية من نوع B2C في عالم يتهافت على السرعة، عالمٍ مُلئ بالتنافسية الشرسة، حيث تتنافس العديد من الشركات على جذب انتباه العملاء. يجب على الشركات أن تُدرك أهمية التركيز على توفير تجربة مُستخدم سلسة ومُمتعة وخالية من المُشكلات، لتلبية توقعات العملاء المُتزايدة في هذا المجال سريع التغير، فهم يُريدون تجربة شراء سهلة وسريعة وآمنة في الوقت نفسه. إنّ تجاهل تجربة المُستخدم يُمكن أن يُؤدي إلى عواقب وخيمة، تتمثل في فُقدان العملاء وتراجع المبيعات وحتى فشل الموقع بشكل كامل. تُعتبر شركة أمازون مثالًا رائعًا يُحتذى به في هذا المجال، حيث استثمرت

بشكلٍ كبير في تجربة المُستخدم، مُقدّمةً تجربة شراء سهلة ومُريحة وسريعة، مما ساهم في تحقيقها لنجاحٍ باهِرٍ في عالم التجارة الإلكترونية، مُثبتة بذلك أهمية الاستثمار في تجربة المستخدم. في المُقابل، يُظهر مثال شركة Sears الأمريكية أهمية تجنّب أخطاء تجربة المستخدم التي قد تُؤدي إلى فشل الموقع، فقد عانت الشركة من تراجع حاد في مبيعاتها بسبب إهمالها لتجربة المُستخدم، مما يُؤكد على ضرورة إيلاء هذا الجانب الاهتمام اللازم لضمان النجاح والاستمرارية في سوق التجارة الإلكترونية المُتغيّرة